skip to Main Content

بین مناطق قسد والأسد لا مكان هنا لـ “قيصر”

تحقيق صحفي

-هكذا يبدو المشهد منذ أن فرضت إدارة “دونالد ترامب” الرئيس الأمريكي السابق عقوبات اقتصادية على نظام الأسد المجرم ورموز حكومته وداعميه وكيانات مرتبطة به بتاريخ ….، إلا أن الحليف الاستراتيجي لواشنطن في سوريا كان خارج حسابات الإدارة الأمريكية، إذ تُعد “قسد” الداعم الأكبر لميليشيات الأسد في مناطق شرق سوريا -بحسب ما تؤكد التقارير الواردة-.

 

“قيصر” ما بين الأسد والحليف الأمريكي:

 

وبعيداً عن مايتم إثارته حول نجاح قانون “قیصر” المطبق على نظام الأسد وما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية في مناطقه، والتي دفع المدنيون الضريبة الأكبر منها- إلا أن للحقيقة عين أخرى وللنظام المجرم خاصرة أخرى بات يتنفس بها الصعداء، ألا وهي المعابر المائية والبرية بين مناطق سيطرته ومناطق سيطرة “قسد”، حيث وثقت عدسة “نداء الفرات” خلال الأشهر الماضية آلاف الأطنان من المواد الغذائية المنقولة من الضفة الشرقية إلى الضفة الغربية حيث تسيطر الميليشيات، فضلاً عن خزانات النفط الخام ومشتقاته والتي تعبر بشكل يومي عبر مياه نهر الفرات.

 

معابر التهريب: شريان حياة الأسد

تعد معابر التهريب الواصلة بين مناطق الأسد وقسد رئة النظام الأسدي وشريان حياة الميليشيات الإيرانية المنتشرة في مناطق غرب الفرات، وربما ماتفرقه السياسة أو القانون الدولي وخاصة “قيصر”، تجمعه المصالح المشتركة لدى النظام والمهربين العاملين تحت حماية بعض مسؤولي قوات “قسد” وإدارتها في المنطقة، ومشاركتها بالعائدات المالية على الضفة الأخرى من نهر الفرات (منطقة شرق الفرات)، مع الأخذ بعين الاعتبار أن بعض هذه المعابر ضمن مناطق “قسد” خارج سيطرتها في أغلب الأحيان، بسبب عدم قدرة “قسد” على تغطية الخط النهري والذي يمتد لعشرات الكيلومترات، بل ربما طيران التحالف أحياناً لا يستطيع كشف عمليات التهريب التي تتم عبر العبارات النهرية ( السفن الصغيرة ).

 

أهم المعابر النهرية بين شرق الفرات وغربها:

1-معبر الباغوز: يعتبر معبر بلدة الباغوز من أهم المعابر النهرية وأكثرها حيوية نتيجة بعده عن مركز القوة العسكرية لدى “قسد”، حيث ظهر نشاطه بعد سقوط تنظيم الدولة في آخر معاقله في البلدة، الأمر الذي ولد صفقات كبيرة وضخمة تضمنت تهريب عناصر وعوائل وأمراء من التنظيم إلى مناطق النظام، عرف منهم “أبو أحمد العراقي” أحد شرعيي التنظيم، بعد أن قامت قوة من ميليشيا الحشد الشعبي بنقله مع عائلته من حويجة “صحين الباغوز” إلى مناطق سيطرة النظام ومنها إلى العراق، بسيارات خاصة بالميليشيا.

 

الصفقة الأكبر بين الميليشيات وقيادي من قسد بمعبر الباغوز:

وثقت شبكة “نداء الفرات” تفاصيل عقد صفقة ضخمة للأسلحة عبر معبر الباغوز النهري، بتاريخ 5 / 9 / 2020، تمت بين قيادي في “قسد” وأحد السماسرة (غ ط) من بلدة “السويعية” بريف البوكمال والذي يتبع للفوج الإيراني “47 حرس ثوري” بعد العثور على مخزن أسلحة داخل جبل الباغوز خلال عمليات البحث التي استمرت منذ سيطرة تنظيم داعش، ووفق ما سربه أحد عناصر الميليشيا “47” حصلت “نداء الفرات” على أعداد هذه الأسلحة وأنواعها، وهي 170 مسدس حربي 100 سلاح رشاش خفيف ومتوسط، وأكثر من 20 سلاح للقنص، وعدد كبير من حاويات القنابل اليدوية والحشوات والألغام، وبحسب المصدر فإن ثمن الصفقة بلغ ما يقارب الـ 200 ألف دولار عادت لصالح القيادي في “قسد”.

2-معبر بقرص الشحيل: يعتبر أكبر معبر في الخط الشرقي بریف دير الزور، ويتركز عمل المعبر على تهريب مواد النفط الخام والطحين والقمح وغيرها من المواد التي يحتاجها النظام ومليشياته في مناطق سيطرته، حيث تشكل الكميات الكبيرة من المواد والمحروقات التي يتم تهريبها بمثابة طوق نجاة الأسد بسبب نقل تلك المواد إلى بقية المحافظات الأخرى، فلو تحدثنا عن جزء يسير من عمليات التهريب والمتمثلة بتأمين ميليشيا “القاطرجي” التابعة لعصابات الأسد، صهاريج النفط من خلال أرتال تخرج غالبيتها من الحقول بريف الحسكة إلى مصافي النفط في حمص وبانياس، وأما ميليشيا “الفرقة الرابعة” التابعة للأسد فأخذت على عاتقها حماية الطحين والمواد الغذائية وتأمين وصولها للتجار في مختلف المحافظات، وبالنسبة لفصائل الحشد الشيعي العراقية فتعتمد على شراء الأسلحة والاتجار بها، مما شكل فرصة ثمينة لقيادات في قسد لبيع بقايا ومخلفات “داعش” بريف ديرالزور، إضافة لهذا تعمل الميليشيات على تهريب الأشخاص المطلوبين من عناصر تنظيم “داعش” العراقيين تحديداً لقاء مبالغ مالية ضخمة.

3-وعلى سبيل المثال لا الحصر توجد معابر رئيسية أخرى على امتداد نهر الفرات منها معبر (جديد عكيدات ۔ مو حسن) ومعبر (جدید بكارة – الطوب) ومعبر (الصبحة – البوليل) ومعبر (البصيرة – سعلو) ومعبر (الحوايج الميادين) ومعبر (ذیبان – محكان) ومعبر (الطيانة – القورية) ومعبر (درنج – العشارة) ومعبر (الجرذي – صبيخان) إضافة للمعابر المائية التي تكون وليدة ليلة أو يوم واحد والتي تستخدم لساعات فقط، دون الاعتماد عليها بشكل مستمر، وهي المعابر التي يلجأ إليها المهربون والتجار خلال الحملات الأمنية والعسكرية التي تشنها قسد بين الفينة والأخرى، بغرض إيصال صورة للرأي العام أنها تحارب عمليات التهريب وتعمل على تطبيق القرار الأمريكي إزاء العقوبات الاقتصادية على النظام المجرم، إلا أن لسان الحال أبلغ من لسان المقال، وذلك لازدياد عمليات نقل البضائع والمحروقات، بشكل ملحوظ، في الأوقات التي تفصل بين حملات “قسد” على المعابر، والتي تجري -بحسب الأهالي- بعد تنبيه المهربين وإخبارهم بنية قوات قسد شن عمليات أمنية ضدهم، كما يؤكد الأهالي أن مداهمات “قسد” للمعابر المائية لا تغني ولا تسمن من جوع، بالتزامن مع استمرار حركة المعابر وعودتها لوضعها الطبيعي بعد انتهاء المداهمة.

وفي ظل دخول الكميات الكبيرة من السلع ومشتقات النفط إلى مناطق سيطرة الميليشيات في غرب الفرات، فإن ذلك يضع جدوى العقوبات الأمريكية على المحك، وفي مفارقة عجيبة يتساءل كثيرون تحت أي حجة يمكن للحليف المحلي للقوات الأمريكية في سوريا أن يسمح بدعم الأسد وميليشياته في حين أن العقوبات الاقتصادية عليه جاءت بقرار من البيت الأبيض، كل هذا يجعل قوات قسد وقيادتها أمام امتحان في المرحلة القادمة في حال استمرارها بدعم نظام الأسد ومخاوف من فتح الدعم على مصراعيه مما يجعل حكومة الأسد أقل عرضة لتأثير قانون قيصر، ويسمح لها أيضاً بالصمود مدة أطول والالتفاف على بنود العقوبات، خصوصاً مع الفوضى الحاصلة بمناطق شرق الفرات وخاصة ريف ديرالزور الشرقي وعدم التدخل المباشر من قبل قوات التحالف الدولي لوضع حد للفلتان الأمني والاقتصادي هناك.

This Post Has 0 Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top